Muslim Library

تفسير القرطبي - سورة الهمزة - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ (1) (الهمزة) mp3
قَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْل فِي " الْوَيْل " فِي غَيْر مَوْضِع , وَمَعْنَاهُ الْخِزْي وَالْعَذَاب وَالْهَلَكَة . وَقِيلَ : وَادٍ فِي جَهَنَّم . " لِكُلِّ هُمَزَة لُمَزَة " قَالَ اِبْن عَبَّاس : هُمْ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ , الْمُفْسِدُونَ بَيْن الْأَحِبَّة , الْبَاغُونَ لِلْبُرَآءِ الْعَيْب ; فَعَلَى هَذَا هُمَا بِمَعْنًى . وَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : [ شِرَار عِبَاد اللَّه تَعَالَى الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ , الْمُفْسِدُونَ بَيْن الْأَحِبَّة , الْبَاغُونَ لِلْبُرَآءِ الْعَيْب ] . وَعَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ الْهُمَزَة : الَّذِي يَغْتَاب و اللُّمَزَة : الْعَيَّاب . وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَالْحَسَن وَمُجَاهِد وَعَطَاء بْن أَبِي رَبَاج : الْهُمَزَة : الَّذِي يَغْتَاب وَيَطْعَن فِي وَجْه الرَّجُل , وَاللُّمَزَة : الَّذِي يَغْتَابهُ مِنْ خَلْفه إِذَا غَابَ ; وَمِنْهُ قَوْل حَسَّان : هَمَزْتك فَاخْتَضَعْت بِذُلّ نَفْس بِقَافِيَةٍ تَأَجَّج كَالشُّوَاظِ وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْل النَّحَّاس , قَالَ : وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى " وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزك فِي الصَّدَقَات " [ التَّوْبَة : 58 ] . وَقَالَ مُقَاتِل ضِدّ هَذَا الْكَلَام : إِنَّ الْهُمَزَة : الَّذِي يَغْتَاب بِالْغِيبَةِ , وَاللُّمَزَة : الَّذِي يَغْتَاب فِي الْوَجْه . وَقَالَ قَتَادَة وَمُجَاهِد : الْهُمَزَة : الطَّعَّان فِي النَّاس , وَاللُّمَزَة : الطَّعَّان فِي أَنْسَابهمْ . وَقَالَ اِبْن زَيْد الْهَامِز : الَّذِي يَهْمِز النَّاس بِيَدِهِ وَيَضْرِبهُمْ , وَاللُّمَزَة : الَّذِي يَلْمِزهُمْ بِلِسَانِهِ وَيَعِيبهُمْ . وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ يَهْمِز بِلِسَانِهِ , وَيَلْمِز بِعَيْنَيْهِ . وَقَالَ اِبْن كَيْسَان : الْهُمَزَة الَّذِي يُؤْذِي جُلَسَاءَهُ بِسُوءِ اللَّفْظ , وَاللُّمَزَة : الَّذِي يَكْسِر عَيْنه عَلَى جَلِيسه , وَيُشِير بِعَيْنِهِ وَرَأْسه وَبِحَاجِبَيْهِ . وَقَالَ مُرَّة : هُمَا سَوَاء ; وَهُوَ الْقَتَّات الطَّعَّان لِلْمَرْءِ إِذَا غَابَ . وَقَالَ زِيَاد الْأَعْجَم : تُدْلِي بِوُدِّي إِذَا لَاقَيْتنِي كَذِبًا وَإِنْ أُغَيَّب فَأَنْتَ الْهَامِز اللُّمَزَهْ وَقَالَ آخَر : إِذَا لَقِيتك عَنْ سُخْط تُكَاشِرُنِي وَإِنْ تَغَيَّبْت كُنْت الْهَامِز اللُّمَزَهْ السُّخْط : الْبُعْد . وَالْهُمَزَة : اِسْم وُضِعَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي هَذَا الْمَعْنَى ; كَمَا يُقَال : سُخَرَة وَضُحَكَة : لِلَّذِي يَسْخَر وَيَضْحَك بِالنَّاسِ . وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن عَلِيّ وَالْأَعْرَج " هُمْزَة لُمْزَة " بِسُكُونِ الْمِيم فِيهِمَا . فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهُمَا , فَهِيَ فِي مَعْنَى الْمَفْعُول , وَهُوَ الَّذِي يَتَعَرَّض لِلنَّاسِ حَتَّى يَهْمِزُوهُ وَيَضْحَكُوا مِنْهُ , وَيَحْمِلهُمْ عَلَى الِاغْتِيَاب . وَقَرَأَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَأَبُو وَائِل وَالنَّخَعِيّ وَالْأَعْمَش : " وَيْل لِلْهُمَزَةِ اللُّمَزَة " . وَأَصْل الْهَمْز : الْكَسْر , وَالْعَضّ عَلَى الشَّيْء بِعُنْفٍ ; وَمِنْهُ هَمْز الْحَرْف . وَيُقَال : هَمَزْت رَأْسه . وَهَمَزْت الْجَوْز بِكَفِّي كَسَرْته . وَقِيلَ لِأَعْرَابِيٍّ : أَتَهْمِزُونَ ( الْفَارَة ) ؟ فَقَالَ : إِنَّمَا تَهْمِزهَا الْهِرَّة . الَّذِي فِي الصِّحَاح : وَقِيلَ لِأَعْرَابِيٍّ أَتَهْمِزُ الْفَارَة ؟ فَقَالَ السِّنَّوْر يَهْمِزهَا . وَالْأَوَّل قَالَهُ الثَّعْلَبِيّ , وَهُوَ يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْهِرّ يُسَمَّى الْهُمَزَة . قَالَ الْعَجَّاج : وَمَنْ هَمَزْنَا رَأْسه تَهَشَّمَا وَقِيلَ : أَصْل الْهَمْز وَاللَّمْز : الدَّفْع وَالضَّرْب . لَمَزَهُ يَلْمِزهُ لَمْزًا : إِذَا ضَرَبَهُ وَدَفَعَهُ . وَكَذَلِكَ هَمَزَهُ : أَيْ دَفَعَهُ وَضَرَبَهُ . قَالَ الرَّاجِز : وَمَنْ هَمَزْنَا عِزّه تَبَرْكَعَا عَلَى اِسْته زَوْبَعَة أَوْ زَوْبَعَا الْبَرْكَعَة : الْقِيَام عَلَى أَرْبَع . وَبَرْكَعَهُ فَتَبَرْكَعَ ; أَيْ صَرَعَهُ فَوَقَعَ عَلَى اِسْته ; قَالَهُ فِي الصِّحَاح . وَالْآيَة نَزَلَتْ فِي الْأَخْنَس بْن شَرِيق , فِيمَا رَوَى الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس . وَكَانَ يَلْمِز النَّاس وَيَعِيبهُمْ : مُقْبِلِينَ وَمُدْبِرِينَ . وَقَالَ اِبْن جُرَيْج : فِي الْوَلِيد بْن الْمُغِيرَة , وَكَانَ يَغْتَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَرَائِهِ , وَيَقْدَح فِيهِ فِي وَجْهه . وَقِيلَ : نَزَلَتْ فِي أُبَيّ بْن خَلَف . وَقِيلَ : فِي جَمِيل بْن عَامِر الثَّقَفِيّ . وَقِيلَ : إِنَّهَا مُرْسَلَة عَلَى الْعُمُوم مِنْ غَيْر تَخْصِيص ; وَهُوَ قَوْل الْأَكْثَرِينَ . قَالَ مُجَاهِد : لَيْسَتْ بِخَاصَّةٍ لِأَحَدٍ , بَلْ لِكُلِّ مَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَته . وَقَالَ الْفَرَّاء : يَجُوز أَنْ يُذْكَر الشَّيْء الْعَامّ وَيُقْصَد بِهِ الْخَاصّ , قَصْد الْوَاحِد إِذَا قَالَ : لَا أَزُورك أَبَدًا . فَتَقُول : مَنْ لَمْ يَزُرْنِي فَلَسْت بِزَائِرِهِ ; يَعْنِي ذَلِكَ الْقَائِل
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • فضائل القرآن

    فضائل القرآن: قال المحقق - حفظه الله -: «فإن مصنفات شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى - لا تزال بحاجةٍ إلى الدراسة والتحقيق والعناية، .. ثم رأيت أن أقوم بتحقيق كتابه: «فضائل القرآن الكريم». ومع أن كتب فضائل القرآن الكريم المؤلفة والمطبوعة كثيرة إلا أن كتاب الشيخ - رحمه الله تعالى - تميَّز بمنهجه المعروف وطريقته في الكتابة، وذلك بتصدير أغلب مباحثه بالآيات ثم الأحاديث المناسبة واختيار العناوين الملائمة والموضوعات المتميزة».

    المدقق/المراجع: فهد بن عبد الرحمن الرومي

    الناشر: مكتبة التوبة للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/264162

    التحميل:

  • معالم في طريق الاحتساب [ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ]

    معالم في طريق الاحتساب: فإن شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الدين بمكان عظيم، وقد خصَّها الله تعالى في كتابه والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في سنته بمزيد عناية; لعظيم شأنها ورفيع منزلتها. وفي هذه الرسالة معالم يستضيء بها المحتسِب في أمره ونهيه، وفيها أيضًا بيان منزلة الاحتساب، وخطورة تركه أو تنقُّص أهله وغير ذلك. وتلك المعالم مأخوذة من النصوص الشرعية وفقهها من خلال كلام أهل العلم. - والكتاب بتقديم الشيخ العلامة عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل - حفظه الله تعالى -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/330758

    التحميل:

  • دليلك إلى أكثر من 350 كتاب مع أجود الطبعات

    دليلك إلى أكثر من 350 كتاب علمي شرعي مع أجود الطبعات لها في مختلف العلوم الشرعية (الطبعة الأولى). وملحق به (مكتبة حديثية مقترحة لطالب العلم المهتم بالحديث) (الطبعة الثانية). وقد راجعه جمع من العلماء.

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/385307

    التحميل:

  • نور السنة وظلمات البدعة في ضوء الكتاب والسنة

    نور السنة وظلمات البدعة في ضوء الكتاب والسنة: رسالة مختصرة في بيان مفهوم السنة، وأسماء أهل السنة، وأن السنة هي النعمة المطلقة، وإيضاح منزلة السنة، ومنزلة أصحابها، وعلاماتهم، وذكر منزلة البدعة وأصحابها، ومفهومها، وشروط قبول العمل، وذم البدعة في الدين، وأسباب البدع، وأقسامها، وأحكامها، وأنواع البدع عند القبور وغيرها، والبدع المنتشرة المعاصرة، وحكم توبة المبتدع، وآثار البدع وأضرارها.

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1942

    التحميل:

  • الحكمة من إرسال الرسل

    بين المؤلف - رحمه الله - بعض الدواعي التي تقتضي إرسال الرسل، والحكمة في اختيار الرسل إلى البشر من جنسهم وبلسان أممهم، كما بين منهج الرسل في الدعوة إلى الله، والطريقة المثلى في الدعوة إلى الله.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2429

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة