Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 9

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) (البقرة) mp3
وَقَوْله تَعَالَى " يُخَادِعُونَ اللَّه وَاَلَّذِينَ آمَنُوا " أَيْ بِإِظْهَارِهِمْ مَا أَظْهَرُوهُ مِنْ الْإِيمَان مَعَ إِسْرَارهمْ الْكُفْر يَعْتَقِدُونَ بِجَهْلِهِمْ أَنَّهُمْ يَخْدَعُونَ اللَّه بِذَلِكَ وَأَنَّ ذَاكَ نَافِعهمْ عِنْده وَأَنَّهُ يَرُوج عَلَيْهِ كَمَا قَدْ يَرُوج عَلَى بَعْض الْمُؤْمِنِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى" يَوْم يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسِبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْء أَلَا إِنَّهُمْ هُمْ الْكَاذِبُونَ وَلِهَذَا قَابَلَهُمْ عَلَى اِعْتِقَادهمْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ " وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسهمْ وَمَا يَشْعُرُونَ " يَقُول وَمَا يَغُرُّونَ بِصَنِيعِهِمْ هَذَا وَلَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسهمْ وَمَا يَشْعُرُونَ بِذَلِكَ مِنْ أَنْفُسهمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى " إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّه وَهُوَ خَادِعهمْ " وَمِنْ الْقُرَّاء مَنْ قَرَأَ" وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسهمْ " وَكِلَا الْقِرَاءَتَيْنِ تَرْجِع إِلَى مَعْنًى وَاحِد . قَالَ اِبْن جَرِير فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : كَيْف يَكُون الْمُنَافِق لِلَّهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ مُخَادِعًا وَهُوَ لَا يَظْهَر بِلِسَانِهِ خِلَاف مَا هُوَ لَهُ مُعْتَقِد إِلَّا تَقِيَّة ؟ قِيلَ : لَا تَمْتَنِع الْعَرَب أَنْ تُسَمِّي مَنْ أَعْطَى بِلِسَانِهِ غَيْر الَّذِي فِي ضَمِيره تَقِيَّة لِيَنْجُوَ بِمَا هُوَ لَهُ خَائِف مُخَادِعًا فَكَذَلِكَ الْمُنَافِق سُمِّيَ مُخَادِعًا لِلَّهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ بِإِظْهَارِهِ مَا أَظْهَرَ بِلِسَانِهِ تَقِيَّة بِمَا يَخْلُص بِهِ مِنْ الْقَتْل وَالسَّبْي وَالْعَذَاب الْعَاجِل وَهُوَ لِغَيْرِ مَا أَظْهَرهُ مُسْتَبْطِن وَذَلِكَ مِنْ فِعْله وَإِنْ كَانَ خِدَاعًا لِلْمُؤْمِنِينَ فِي عَاجِل الدُّنْيَا فَهُوَ لِنَفْسِهِ بِذَلِكَ مِنْ فِعْله خَادِع لِأَنَّهُ يَظْهَر لَهَا بِفِعْلِهِ ذَلِكَ بِهَا أَنَّهُ يُعْطِيهَا أُمْنِيَتهَا وَيَسْقِيهَا كَأْس سُرُورهَا وَهُوَ مُورِدهَا حِيَاض عَطَبهَا وَمُجَرِّعهَا بِهِ كَأْس عَذَابهَا وَمُزْبِرهَا مِنْ غَضَب اللَّه وَأَلِيم عِقَابه مَا لَا قِبَل لَهَا بِهِ فَذَلِكَ خَدِيعَته نَفْسه ظَنًّا مِنْهُ مَعَ إِسَاءَته إِلَيْهَا فِي أَمْر مَعَادهَا أَنَّهُ إِلَيْهَا مُحْسِن كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسهمْ وَمَا يَشْعُرُونَ " إِعْلَامًا مِنْهُ عِبَاده الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ بِإِسَاءَتِهِمْ إِلَى أَنْفُسهمْ فِي إِسْخَاطهمْ عَلَيْهَا رَبّهمْ بِكُفْرِهِمْ وَشِرْكهمْ وَتَكْذِيبهمْ غَيْر شَاعِرِينَ وَلَا دَارِينَ وَلَكِنَّهُمْ عَلَى عَمًى مِنْ أَمْرهمْ مُقِيمِينَ. وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم أَنْبَأَنَا عَلِيّ بْن الْمُبَارَك فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ حَدَّثَنَا زَيْد بْن الْمُبَارَك حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن نُور عَنْ اِبْن جُرَيْج فِي قَوْله تَعَالَى يُخَادِعُونَ اللَّه قَالَ يُظْهِرُونَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه يُرِيدُونَ أَنْ يُحْرِزُوا بِذَلِكَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ وَفِي أَنْفُسهمْ غَيْر ذَلِكَ . وَقَالَ سَعِيد عَنْ قَتَادَة " وَمِنْ النَّاس مَنْ يَقُول آمَنَّا بِاَللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِر وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللَّه وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسهمْ وَمَا يَشْعُرُونَ " نَعْتُ الْمُنَافِق عِنْد كَثِير : خَنِع الْأَخْلَاق يُصَدِّق بِلِسَانِهِ وَيُنْكِر بِقَلْبِهِ وَيُخَالِف بِعَمَلِهِ يُصْبِح عَلَى حَال وَيُمْسِي عَلَى غَيْره وَيُمْسِي عَلَى حَال وَيُصْبِح عَلَى غَيْره وَيَتَكَفَّأ تَكَفُّأ السَّفِينَة كُلَّمَا هَبَّتْ رِيح هَبَّتْ مَعَهَا .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • كيف نستقبل شهر رمضان المبارك؟

    هذه الرسالة تتحدث عن كيفية استقبال شهر رمضان المبارك، مع بيان بعض الملاحظات والتنبيهات على أخطاء بعض الصائمين والقائمين في شهر رمضان.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/231258

    التحميل:

  • آفات اللسان في ضوء الكتاب والسنة

    آفات اللسان في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «وآفات اللسان من أخطر الآفات على الإنسان؛ لأن الإنسان يهون عليه التحفظ، والاحتراز من أكل الحرام، والظلم، والزنا، والسرقة، وشرب الخمر، ومن النظر المُحَرَّمِ، وغير ذلك من المحرمات، ويصعب عليه التحفظ والاحتراز من حركة لسانه، حتى ترى الرجل يشار إليه: بالدِّين، والزهد، والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله، لا يُلقي لها بالاً، يهوي في النار بالكلمة الواحدة منها أبعد مما بين المشرق والمغرب، أو يهوي بها في النار سبعين سنة، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم، ولسانه يقطع، ويذبح في أعراض الأحياء والأموات، ولا يُبالي بما يقول .. ولخطر آفات اللسان على الفرد، والمجتمع، والأمة الإسلامية جمعتُ ما يسر الله لي جمعه - في هذا الموضوع الخطير - من كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1923

    التحميل:

  • حكاية ملابس

    حكاية ملابس : هذه الرسالة تتحدث عن ويلات وأسباب التعري، مع بيان بعض الطرق للنجاة من فتنة التعري، ثم بيان عورة المرأة أمام المرأة، ثم عدة مباحث تحت العناوين التالية: من نزع لباسك؟ الكاسيات العاريات. المجاهرة بالتعري. هل لديك فساتين عارية ترغبين في تعديلها؟ كيف يتولد الحياء؟ آثار الطاعة في حياتك. تعالوا عندنا ملابس. بشرى لصاحبة الحياء.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/331072

    التحميل:

  • تناقضات

    هذه محاضرة للشيخ عبدالعزيز السدحان فرغها في كتاب الأخ إبراهيم السبتي وأعاد صياغتها الأخ بندر الشويقي، وتحدث الشيخ فيها عن أربعة وثلاثين مسألة يكون فيها تناقض شرعي بين الناس، بعد ذكر أسباب ذلك، ومن أمثلتها الفتوى مع قلة العلم، وتزويج تارك الصلاة وترك غيره، والتعامل مع الخادمات بقسوة في الطعام والشراب والتساهل معها في كشف الوجه، إلى غير ذلك...

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/261643

    التحميل:

  • عقوق الوالدين .. أسبابه - مظاهره - سبل العلاج

    عقوق الوالدين : إن بر الوالدين مما أقرته الفطر السوية، واتفقت عليه الشرائع السماوية، وهو خلق الأنبياء، ودأب الصالحين، كما أنه دليل على صدق الإيمان، وكرم النفس، وحسن الوفاء. وبر الوالدين من محاسن الشريعة الإسلامية؛ ذلك أنه اعتراف بالجميل، وحفظ للفضل، وعنوان على كمال الشريعة، وإحاطتها بكافة الحقوق. ويحتوي هذا الكتاب على الأمور الآتية: تعريف العقوق، من مظاهر عقوق الوالدين، نماذج من قصص العقوق، أسباب العقوق، سبل العلاج، تعريف البر بالوالدين، الآداب التي تراعى مع الوالدين، الأمور المعينة على البر، بين الزوجة والوالدين، نماذج من قصص البر.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/117068

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة