Muslim Library

تفسير القرطبي - سورة الفرقان - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) (الفرقان) mp3
مَكِّيَّة كُلّهَا فِي قَوْل الْجُمْهُور . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة : إِلَّا ثَلَاث آيَات مِنْهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ , وَهِيَ : " وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر " [ الْفُرْقَان : 68 ] إِلَى قَوْله : " وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا " [ الْفَتْح : 14 ] . وَقَالَ الضَّحَّاك : هِيَ مَدَنِيَّة , وَفِيهَا آيَات مَكِّيَّة ; قَوْله : " وَاَلَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّه إِلَهًا آخَر " الْآيَات . وَمَقْصُود هَذِهِ السُّورَة ذِكْر مَوْضِع عِظَم الْقُرْآن , وَذِكْر مَطَاعِن الْكُفَّار فِي النُّبُوَّة وَالرَّدّ عَلَى مَقَالَاتهمْ وَجَهَالَاتهمْ ; فَمِنْ جُمْلَتهَا قَوْلهمْ : إِنَّ الْقُرْآن اِفْتَرَاهُ مُحَمَّد , وَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عِنْد اللَّه .

" تَبَارَكَ " اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ ; فَقَالَ الْفَرَّاء : هُوَ فِي الْعَرَبِيَّة وَ " تَقَدَّسَ " وَاحِد , وَهُمَا لِلْعَظَمَةِ . وَقَالَ الزَّجَّاج : " تَبَارَكَ " تَفَاعَلَ مِنْ الْبَرَكَة . قَالَ : وَمَعْنَى الْبَرَكَة الْكَثْرَة مِنْ كُلّ ذِي خَيْر . وَقِيلَ : " تَبَارَكَ " تَعَالَى . وَقِيلَ : تَعَالَى عَطَاؤُهُ , أَيْ زَادَ وَكَثُرَ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى دَامَ وَثَبَتَ إِنْعَامه . قَالَ النَّحَّاس : وَهَذَا أَوْلَاهَا فِي اللُّغَة وَالِاشْتِقَاق ; مِنْ بَرَكَ الشَّيْء إِذَا ثَبَتَ ; وَمِنْهُ بَرَكَ الْجَمَل وَالطَّيْر عَلَى الْمَاء , أَيْ دَامَ وَثَبَتَ . فَأَمَّا الْقَوْل الْأَوَّل فَمُخَلَّط ; لِأَنَّ التَّقْدِيس إِنَّمَا هُوَ مِنْ الطَّهَارَة وَلَيْسَ مِنْ ذَا فِي شَيْء . قَالَ الثَّعْلَبِيّ : وَيُقَال تَبَارَكَ اللَّه , وَلَا يُقَال مُتَبَارَك وَلَا مُبَارَك ; لِأَنَّهُ يُنْتَهَى فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاته إِلَى حَيْثُ وَرَدَ التَّوْقِيف . وَقَالَ الطِّرِمَّاح : تَبَارَكْت لَا مُعْطٍ لِشَيْءٍ مَنَعْته وَلَيْسَ لِمَا أَعْطَيْت يَا رَبّ مَانِع وَقَالَ آخَر : تَبَارَكْت مَا تُقَدِّر يَقَع وَلَك الشُّكْر قُلْت : قَدْ ذَكَرَ بَعْض الْعُلَمَاء فِي أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى " الْمُبَارَك " وَذَكَرْنَاهُ أَيْضًا فِي كِتَابنَا . فَإِنْ كَانَ وَقَعَ اِتِّفَاق عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَال فَيُسَلَّم لِلْإِجْمَاعِ . وَإِنْ كَانَ وَقَعَ فِيهِ اِخْتِلَاف فَكَثِير مِنْ الْأَسْمَاء اِخْتَلَفَ فِي عَدّه ; كَالدَّهْرِ وَغَيْره . وَقَدْ نَبَّهْنَا عَلَى ذَلِكَ هُنَالِكَ , وَالْحَمْد لِلَّهِ . وَ " الْفُرْقَان " الْقُرْآن . وَقِيلَ : إِنَّهُ اِسْم لِكُلِّ مُنَزَّل ; كَمَا قَالَ : " وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُون الْفُرْقَان " [ الْأَنْبِيَاء : 48 ] . وَفِي تَسْمِيَته فُرْقَانًا وَجْهَانِ : أَحَدهمَا : لِأَنَّهُ فَرَقَ بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل , وَالْمُؤْمِن وَالْكَافِر . الثَّانِي : لِأَنَّ فِيهِ بَيَان مَا شَرَعَ مِنْ حَلَال وَحَرَام ; حَكَاهُ النَّقَّاش .

يُرِيد مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

اِسْم " يَكُون " فِيهَا مُضْمَر يَعُود عَلَى " عَبْده " وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْرَب إِلَيْهِ . وَيَجُوز أَنْ يَكُون يَعُود عَلَى " الْفُرْقَان " . وَقَرَأَ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر : " عَلَى عِبَاده " . وَيُقَال : أَنْذَرَ إِذَا خَوَّفَ ; وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّل " الْبَقَرَة " . وَالنَّذِير : الْمُحَذِّر مِنْ الْهَلَاك . الْجَوْهَرِيّ : وَالنَّذِير الْمُنْذِر , وَالنَّذِير الْإِنْذَار . وَالْمُرَاد بِ " الْعَالَمِينَ " هُنَا الْإِنْس وَالْجِنّ , لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ رَسُولًا إِلَيْهِمَا , وَنَذِيرًا لَهُمَا , وَأَنَّهُ خَاتَم الْأَنْبِيَاء , وَلَمْ يَكُنْ غَيْره عَامّ الرِّسَالَة إِلَّا نُوح فَإِنَّهُ عَمَّ بِرِسَالَتِهِ جَمِيع الْإِنْس بَعْد الطُّوفَان , لِأَنَّهُ بَدَأَ بِهِ الْخَلْق .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • بحوث في أصول التفسير ومناهجه

    بحوث في أصول التفسير ومناهجه: هذا الكتاب عرَّف فيه المصنف - حفظه الله - التفسير وبيَّن مكانته وفضله، ومتى نشأ علم التفسير وما هي المراحل التي مرَّ بها، وذكر اختلاف المُفسِّرين وأصحابه، وأساليب التفسير وطرقه ومناهجه، ثم عرَّج على إعراب القرآن الكريم وبيان غريبه، ثم أشار إلى قواعد مهمة يحتاج إليها المُفسِّر، وختمَ حديثَه بذكر أهم المصنفات في التفسير ومناهجه.

    الناشر: مكتبة التوبة للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/364178

    التحميل:

  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم أسباب قيام الدولة السعودية وبقائها

    في هذه الرسالة ذكر بعض الأدلة من الكتاب والسّنّة على أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعظم شأنهما، وبيان أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم أسباب قيام الدولة السعودية وبقائها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/218411

    التحميل:

  • الرسالة التبوكية [ زاد المهاجر إلى ربه ]

    الرسالة التبوكية : وقد كتبها في المحرم سنة 733هـ بتبوك، وأرسلها إلى أصحابه في بلاد الشام، فسّر فيها قوله تعالى: { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب } وذكر أن من أعظم التعاون على البر والتقوى التعاون على سفر الهجرة إلى الله ورسوله ... وبيّن أن زاد هذا السفر العلم الموروث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم بيّن طريق العلم ومركبه وأن رأس مال الأمر وعموده في ذلك إنما هو التفكر والتدبر في آيات القرآن.

    المدقق/المراجع: محمد عزيز شمس

    الناشر: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/265605

    التحميل:

  • السعادة بين الوهم والحقيقة

    السعادة بين الوهم والحقيقة: كثيرٌ هم الذين يسعون لتحصيل السعادة، فيُنفِقون من أوقاتهم وأموالهم وجهودهم للحصول عليها، ولكن قد ينالُها بعضُهم ويعجز عن ذلك الكثير؛ وما ذلك إلا لوجود سعادة حقيقية وسعادة وهمية. حول هذا الموضوع يأتي هذا الكتاب ليُناقِش هذه القضية بشيءٍ من الإيجاز.

    الناشر: موقع المسلم http://www.almoslim.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/337280

    التحميل:

  • شرح كشف الشبهات [ عبد العزيز الراجحي ]

    كشف الشبهات : رسالة نفيسة كتبها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وهي عبارة عن سلسلة شبهات للمشركين وتفنيدها وإبطالها، وفيها بيان توحيد العبادة وتوحيد الألوهية الذي هو حق الله على العباد، وفيها بيان الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الإلهية والعبادة، وقد قام عدد من أهل العلم بشرحها وبيان مقاصدها، وفي هذه الصفحة تفريغ لدروس فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي - حفظه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/305090

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة