Muslim Library

تفسير القرطبي - سورة التين - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) (التين) mp3
قَالَ اِبْن عَبَّاس وَالْحَسَن وَمُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَإِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ وَعَطَاء بْن أَبِي رَبَاح وَجَابِر بْن زَيْد وَمُقَاتِل وَالْكَلْبِيّ : هُوَ تِينُكُمْ الَّذِي تَأْكُلُونَ , وَزَيْتُونُكُمْ الَّذِي تَعْصِرُونَ مِنْهُ الزَّيْت قَالَ اللَّه تَعَالَى : " وَشَجَرَة تَخْرُج مِنْ طُور سَيْنَاء تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ " [ الْمُؤْمِنُونَ : 20 ] . وَقَالَ أَبُو ذَرّ : أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلّ تِين فَقَالَ : [ كُلُوا ] وَأَكَلَ مِنْهُ . ثُمَّ قَالَ : [ لَوْ قُلْت إِنَّ فَاكِهَةً نَزَلَتْ مِنْ الْجَنَّة لَقُلْت هَذِهِ ; لِأَنَّ فَاكِهَة الْجَنَّة بِلَا عَجَم , فَكُلُوهَا فَإِنَّهَا تَقْطَع الْبَوَاسِير , وَتَنْفَع مِنْ النِّقْرِس ] . وَعَنْ مُعَاذ : أَنَّهُ اِسْتَاك بِقَضِيبِ زَيْتُون , وَقَالَ سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُول : [ نِعْمَ السِّوَاك الزَّيْتُون مِنْ الشَّجَرَة الْمُبَارَكَة , يُطَيِّب الْفَم , وَيَذْهَب بِالْحَفْرِ , وَهِيَ سِوَاكِي وَسِوَاك الْأَنْبِيَاء مِنْ قَبْلِي ] . وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا : التِّين : مَسْجِد نُوح عَلَيْهِ السَّلَام الَّذِي بُنِيَ عَلَى الْجُودِيّ , وَالزَّيْتُون : مَسْجِد بَيْت الْمَقْدِس . وَقَالَ الضَّحَّاك : التِّين : الْمَسْجِد الْحَرَام , وَالزَّيْتُون الْمَسْجِد الْأَقْصَى . اِبْن زَيْد : التِّين : مَسْجِد دِمَشْق , وَالزَّيْتُون : مَسْجِد بَيْت الْمَقْدِس . قَتَادَة : التِّين : الْجَبَل الَّذِي عَلَيْهِ دِمَشْق : وَالزَّيْتُون : الْجَبَل الَّذِي عَلَيْهِ بَيْت الْمَقْدِس . وَقَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب : التِّين : مَسْجِد أَصْحَاب الْكَهْف , وَالزَّيْتُون : مَسْجِد إِيلِيَاء . وَقَالَ كَعْب الْأَخْبَار وَقَتَادَة أَيْضًا وَعِكْرِمَة وَابْن زَيْد : التِّين : دِمَشْق , وَالزَّيْتُون : بَيْت الْمَقْدِس . وَهَذَا اِخْتِيَار الطَّبَرِيّ . وَقَالَ الْفَرَّاء : سَمِعْت رَجُلًا مِنْ أَهْل الشَّام يَقُول : التِّين : جِبَال مَا بَيْن حُلْوَان إِلَى هَمَذَان , وَالزَّيْتُون : جِبَال الشَّام . وَقِيلَ : هُمَا جَبَلَانِ بِالشَّامِ , يُقَال لَهُمَا طُور زَيْتًا وَطُور تِينًا بِالسُّرْيَانِيَّةِ سُمِّيَا بِذَلِكَ ; لِأَنَّهُمَا يُنْبِتَانِهِمَا . وَكَذَا رَوَى أَبُو مَكِين عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : التِّين وَالزَّيْتُون : جَبَلَانِ بِالشَّامِ . وَقَالَ النَّابِغَة : أَتَيْنَ التِّين عَنْ عَرَض وَهَذَا اِسْم مَوْضِع . وَيَجُوز أَنْ يَكُون ذَلِكَ عَلَى حَذْف مُضَاف أَيْ وَمَنَابِت التِّين وَالزَّيْتُون . وَلَكِنْ لَا دَلِيل عَلَى ذَلِكَ مِنْ ظَاهِر التَّنْزِيل , وَلَا مِنْ قَوْل مَنْ لَا يُجَوِّز خِلَافه قَالَهُ النَّحَّاس .

وَأَصَحّ هَذِهِ الْأَقْوَال الْأَوَّل ; لِأَنَّهُ الْحَقِيقَة , وَلَا يُعْدَلُ عَنْ الْحَقِيقَة إِلَى الْمَجَاز إِلَّا بِدَلِيلٍ . وَإِنَّمَا أَقْسَمَ اللَّه بِالتِّينِ ; لِأَنَّهُ كَانَ سِتْرَ آدَم فِي الْجَنَّة لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَق الْجَنَّة " [ الْأَعْرَاف : 22 ] وَكَانَ وَرَق التِّين . وَقِيلَ : أَقْسَمَ بِهِ لِيُبَيِّن وَجْه الْمِنَّة الْعُظْمَى فِيهِ فَإِنَّهُ جَمِيل الْمَنْظَر , طَيِّب الْمَخْبَر , نَشِر الرَّائِحَة , سَهْل الْجَنْي , عَلَى قَدْر الْمُضْغَة . وَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِل فِيهِ : اُنْظُرْ إِلَى التِّينِ فِي الْغُصُونِ ضُحًى مُمَزَّقَ الْجِلْدِ مَائِلَ الْعُنُقِ كَأَنَّهُ رَبُّ نِعْمَةٍ سُلِبَتْ فَعَادَ بَعْدَ الْجَدِيدِ فِي الْخَلَق أَصْغَرُ مَا فِي النُّهُودِ أَكْبَرُهُ لَكِنْ يُنَادَى عَلَيْهِ فِي الطُّرُقِ وَقَالَ آخَر : التِّينُ يَعْدِلُ عِنْدِي كُلَّ فَاكِهَةٍ إِذَا اِنْثَنَى مَائِلًا فِي غُصْنِهِ الزَّاهِي مُخَمَّشُ الْوَجْهِ قَدْ سَالَتْ حَلَاوَتُهُ كَأَنَّهُ رَاكِعٌ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَأَقْسَمَ بِالزَّيْتُونِ ; لِأَنَّهُ مَثَّلَ بِهِ إِبْرَاهِيم فِي قَوْله تَعَالَى : " يُوقَد مِنْ شَجَرَة مُبَارَكَة زَيْتُونَة " [ النُّور : 35 ] . وَهُوَ أَكْثَر أَدَم أَهْل الشَّام وَالْمَغْرِب يَصْطَبِغُونَ بِهِ , وَيَسْتَعْمِلُونَهُ فِي طَبِيخهمْ , وَيَسْتَصْبِحُونَ بِهِ , وَيُدَاوَى بِهِ أَدْوَاء الْجَوْف وَالْقُرُوح وَالْجِرَاحَات , وَفِيهِ مَنَافِع كَثِيرَة . وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام : [ كُلُوا الزَّيْت وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَة مُبَارَكَة ] . وَقَدْ مَضَى فِي سُورَة " الْمُؤْمِنُونَ " الْقَوْل فِيهِ .

قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ وَلِامْتِنَانِ الْبَارِئ سُبْحَانَهُ , وَتَعْظِيم الْمِنَّة فِي التِّين , وَأَنَّهُ مُقْتَات مُدَّخَر فَلِذَلِكَ قُلْنَا بِوُجُوبِ الزَّكَاة فِيهِ . وَإِنَّمَا فَرَّ كَثِير مِنْ الْعُلَمَاء مِنْ التَّصْرِيح بِوُجُوبِ الزَّكَاة فِيهِ , تَقِيَّة جَوْر الْوُلَاة فَإِنَّهُمْ يَتَحَامَلُونَ فِي الْأَمْوَال الزَّكَاتِيَّة , فَيَأْخُذُونَهَا مَغْرَمًا , حَسَبَ مَا أَنْذَرَ بِهِ الصَّادِق - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَرِهَ الْعُلَمَاء أَنْ يَجْعَلُوا لَهُمْ سَبِيلًا إِلَى مَال آخَر يَتَشَطَّطُونَ فِيهِ , وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنْ يَخْرُج عَنْ نِعْمَة رَبّه , بِأَدَاءِ حَقّه . وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيّ لِهَذِهِ الْعِلَّة وَغَيْرهَا : لَا زَكَاة فِي الزَّيْتُون . وَالصَّحِيح وُجُوب الزَّكَاة فِيهِمَا .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • فضل الإسلام

    فضل الإسلام: قال معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ - حفظه الله -: « هذه الرسالة من الرسائل المهمة التي كتبها الإمام المجدد - عليه رحمة الله -، وسماها فضل الإسلام؛ لأنه أول باب لهذه الرسالة. ووجه أهمية هذه الرسالة: أن هذه الرسالة تُعتبر رسالة في المنهج الذي يتميز به حملة التوحيد و أتباع السلف الصالح بعامة، كما أنها تبين كثيرا من المباحث والمسائل المتصلة بالواقع العملي للدعوة ومخالطة المسلم المتبع لطريقة السلف للناس من جميع الاتجاهات ومن جميع الأفهام والأهواء. ففيها بيان تفسير الإسلام، وفيها بيان فضل الإسلام، وفيها بيان البدع وأن البدع أشد من الكبائر، وفيها بيان معالم الانتماء الحق، وإبطال أنواع الانتماء المحدَثة، وفيها تفصيل المنهج من حيث الأولويات والاهتمام بالسنة ورد البدع، وفيها ما يتصل ببحث الألقاب والشعارات التي قد نتسمى بها، أو قد يرفعها بعضهم، وبيان حكم ذلك، وفيها بيان أن الإسلام واجب أن يُدخل فيه كلِّه، وأن لا يفرق بين أمر وأمر فيه من حيث وجوب الدخول فيه، والإيمان بذلك ».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بحي سلطانة بالرياض

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2389

    التحميل:

  • المجروحين

    المجروحين: أحد كتب الجرح صنفها الحافظ ابن حبان - رحمه الله -.

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/141418

    التحميل:

  • الآل والأصحاب في كتاب رب الأرباب

    الآل والأصحاب في كتاب رب الأرباب: هذا البحث يعرِض لما ورد في كتاب الله من آيات كريمة تُبيِّن فضل الرعيل الأول من الآل والأصحاب - رضي الله عنهم -، وإنما كان الاقتصار على الكتاب دون السنة؛ لأن كتاب الله محل اتفاق وقبول بين أفراد الأمة الإسلامية فلا يجد المخالف سبيلاً إلى مخالفته، إلا محض العناد والمكابرة لكلام الله - سبحانه -. وتعمَّد المركز في وضع الكتاب الجمعَ بين مناقب الآل والأصحاب؛ لأن أغلب ما كُتب في هذا الموضوع إما أن يقتصر على ذكر مناقب آل البيت فقط، أو مناقب الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين -، فجاء هذا البحث جامعًا لمناقب الفريقين، لبيان العلاقة الوثيقة بينهما.

    الناشر: جمعية الآل والأصحاب http://www.aal-alashab.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/335471

    التحميل:

  • شرح العقيدة الطحاوية [ البراك ]

    العقيدة الطحاوية : متن مختصر صنفه العالم المحدِّث: أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي، المتوفى سنة 321هـ، وهي عقيدةٌ موافقة في جُلِّ مباحثها لما يعتقده أهل الحديث والأثر، أهل السنة والجماعة، وقد ذَكَرَ عددٌ من أهل العلم أنَّ أتْبَاعَ أئمة المذاهب الأربعة ارتضوها؛ وذلك لأنها اشتملت على أصول الاعتقاد المُتَّفَقِ عليه بين أهل العلم، وذلك في الإجمال لأنَّ ثَمَّ مواضع اُنتُقِدَت عليه، وقد تناولها عدد كبير من أهل العلم بالتوضيح والبيان، ومن هؤلاء فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك، وفي هذه الصفحة نسخة مصورة من هذا الكتاب.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/205049

    التحميل:

  • اتخاذ القرآن الكريم أساسا لشؤون الحياة والحكم في المملكة العربية السعودية

    قال المؤلف - حفظه الله -: فهذا بحث عن: " اتخاذ القرآن الكريم أساسًا لشؤون الحياة والحكم في المملكة العربية السعودية " كتبته بناء على طلب كريم من اللجنة التحضيرية لندوة " عناية المملكة العربية السعودية بالقرآن الكريم وعلومه "، في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، في المدينة المنورة، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، حاولت فيه إبراز المعالم الكبرى لمسيرة المملكة الإسلامية، وخصصت منهج السلف بمزيد عناية وإبراز ولا سيما من الناحية التطبيقية والممارسة والتبني. أرجو أن يكون محققًا للمقصود وافيًا بالمطلوب، سائلًا الله العلي القدير أن يزيدنا بدينه تمسكًا، وأن يوفقنا لصالح العلم والعمل إنه سميع مجيب.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/110563

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة